الصلاة على الموتى يرحمكم الله
بقلم د. أيمن الجندى ٩/ ٢/ ٢٠١٠
استيقظت وكلى حماس صحفى. قررت أن أستطلع رأى الشعب فى بناء الجدار، توجهت إلى أقرب موقف ميكروباص، قدمت نفسى لهم وبدأت الحوار مع سيدة لا يمكن تخمين عمرها، ترتدى الخمار وعلى وجهها كل (غُلب) الأرض، بدأت الحديث معها والتف الباقى حولى فى فضول:
- صباح الخير يا حاجة، أنا باعمل تحقيق صحفى و..
فظهر الانزعاج على وجهها على الفور وقالت مقاطعة:
- تحقيق ليه يا ابنى، هو أنا عملت حاجة؟
- هاها (ضاحكا فى تكلف) لا اطمنى يا حاجة، مش تحقيق بمعنى بوليس ونيابة، صحافة يا حاجة، جورنال.
- (فى خوف واضح) يا ابنى ما باشتكيش من حاجة، الحمد لله كل شىء تمام.
- (مربتاً على كتفها فى عطف) يا حاجة إنت قلقانة ليه؟ كل الحكاية انى عاوز أعرف رأيك فى موضوع الجدار؟
- ما له يا ابنى؟
- الحكومة تبنيه ولا ما تبنهوش؟
- تبنيه طبعا يا ابنى، سايق عليك النبى تبنيه، الجدار نشع والمطر بيغرقنا، وأنا أرملة بخمس عيال.
- (أهز كتفى فى يأس) آه، اليوم باين من أوله!.
- (يتدخل شاب حرفى يتابع الحوار) خليك معايا أنا يا باشا. إنت بتسأل عن جدار غزة، صح؟ يبنوه طبعا.
- (فى فرحة) كويس إنك فاهم الموضوع، يعنى إنت مع بناء الجدار؟
- طبعا، كلنا حنسترزق، هو الجدار حيتبنى لوحده؟ ما هو لازم له حرفيين وعمال.
- (قاصداً إحراجه) طب والشعب المحاصر يا هندسة؟
- ربنا يتولاهم ويتولانا، وكلها شويتين ويتهد، ونسترزق تانى بإذن الله.
- فكرة برضه. طب وانت يا حاج (توجهت لرجل عجوز يستمع فى اهتمام) رأيك إيه فى موضوع الجدار؟
قال فجأة:
- رأيى؟ متأكد إنك عايز رأيى؟
- طبعا يا حاج.
- (منفعلا) رأيى إنكم كلكم معندكوش دم.
- (منزعجاً) الله، الله، فيه ايه يا حاج، مالك؟ بتغلط فينا ليه؟
قال وهو يرتجف من الانفعال:
- بتاخد رأيهم فى إيه؟ هو رأيهم حيفرق مع حد؟ حد طلبه؟ حيقدم ولا يأخر؟ ده انتوا عرفتوا الخبر من إسرائيل، إنتوا ناس فاضية عايزه تتسلى.
واحدة تقول لك الجدار نشع، والتانى عاوز يسترزق، والتالت كل همه يكتب ويشتهر، ولا واحد فيكم قلبه على البلد.
- (مهدئاً وقد أشفقت عليه فعلا) طب هدى نفسك يا حاج، صحتك.
- (صارخاً بأعلى صوته) صحتى أحسن منك، انتوا فاكرين نفسكم عايشين؟ إنتم متم من زمان، إنتم أموات، أموااااات.
رحنا ننظر إلى غضبته فى ذعر، عاجزين عن الفهم، عاجزين عن تهدئته. وفجأة وجدناه - بقوة غير عادية - قد دفعنا كلنا أمامه، ثم وقف خلفنا، ورفع يديه إلى مستوى رأسه، وبصوت عال سمعه (الموقف) كله صاح:
- الصلاة على الموتى يرحمكم الله.. الله أكبر
بقلم د. أيمن الجندى ٩/ ٢/ ٢٠١٠
استيقظت وكلى حماس صحفى. قررت أن أستطلع رأى الشعب فى بناء الجدار، توجهت إلى أقرب موقف ميكروباص، قدمت نفسى لهم وبدأت الحوار مع سيدة لا يمكن تخمين عمرها، ترتدى الخمار وعلى وجهها كل (غُلب) الأرض، بدأت الحديث معها والتف الباقى حولى فى فضول:
- صباح الخير يا حاجة، أنا باعمل تحقيق صحفى و..
فظهر الانزعاج على وجهها على الفور وقالت مقاطعة:
- تحقيق ليه يا ابنى، هو أنا عملت حاجة؟
- هاها (ضاحكا فى تكلف) لا اطمنى يا حاجة، مش تحقيق بمعنى بوليس ونيابة، صحافة يا حاجة، جورنال.
- (فى خوف واضح) يا ابنى ما باشتكيش من حاجة، الحمد لله كل شىء تمام.
- (مربتاً على كتفها فى عطف) يا حاجة إنت قلقانة ليه؟ كل الحكاية انى عاوز أعرف رأيك فى موضوع الجدار؟
- ما له يا ابنى؟
- الحكومة تبنيه ولا ما تبنهوش؟
- تبنيه طبعا يا ابنى، سايق عليك النبى تبنيه، الجدار نشع والمطر بيغرقنا، وأنا أرملة بخمس عيال.
- (أهز كتفى فى يأس) آه، اليوم باين من أوله!.
- (يتدخل شاب حرفى يتابع الحوار) خليك معايا أنا يا باشا. إنت بتسأل عن جدار غزة، صح؟ يبنوه طبعا.
- (فى فرحة) كويس إنك فاهم الموضوع، يعنى إنت مع بناء الجدار؟
- طبعا، كلنا حنسترزق، هو الجدار حيتبنى لوحده؟ ما هو لازم له حرفيين وعمال.
- (قاصداً إحراجه) طب والشعب المحاصر يا هندسة؟
- ربنا يتولاهم ويتولانا، وكلها شويتين ويتهد، ونسترزق تانى بإذن الله.
- فكرة برضه. طب وانت يا حاج (توجهت لرجل عجوز يستمع فى اهتمام) رأيك إيه فى موضوع الجدار؟
قال فجأة:
- رأيى؟ متأكد إنك عايز رأيى؟
- طبعا يا حاج.
- (منفعلا) رأيى إنكم كلكم معندكوش دم.
- (منزعجاً) الله، الله، فيه ايه يا حاج، مالك؟ بتغلط فينا ليه؟
قال وهو يرتجف من الانفعال:
- بتاخد رأيهم فى إيه؟ هو رأيهم حيفرق مع حد؟ حد طلبه؟ حيقدم ولا يأخر؟ ده انتوا عرفتوا الخبر من إسرائيل، إنتوا ناس فاضية عايزه تتسلى.
واحدة تقول لك الجدار نشع، والتانى عاوز يسترزق، والتالت كل همه يكتب ويشتهر، ولا واحد فيكم قلبه على البلد.
- (مهدئاً وقد أشفقت عليه فعلا) طب هدى نفسك يا حاج، صحتك.
- (صارخاً بأعلى صوته) صحتى أحسن منك، انتوا فاكرين نفسكم عايشين؟ إنتم متم من زمان، إنتم أموات، أموااااات.
رحنا ننظر إلى غضبته فى ذعر، عاجزين عن الفهم، عاجزين عن تهدئته. وفجأة وجدناه - بقوة غير عادية - قد دفعنا كلنا أمامه، ثم وقف خلفنا، ورفع يديه إلى مستوى رأسه، وبصوت عال سمعه (الموقف) كله صاح:
- الصلاة على الموتى يرحمكم الله.. الله أكبر
الإثنين مارس 29, 2010 12:56 pm من طرف أنيس مرابط
» مصافحة المرأة الرجل
الإثنين مارس 29, 2010 12:54 pm من طرف أنيس مرابط
» عرش بلقيس
الإثنين مارس 29, 2010 12:51 pm من طرف أنيس مرابط
» طبقات الأرض
الإثنين مارس 29, 2010 12:46 pm من طرف أنيس مرابط
» ضياء الشمس ونور القمر
الإثنين مارس 29, 2010 12:43 pm من طرف أنيس مرابط
» سر الجبال
الإثنين مارس 29, 2010 12:39 pm من طرف أنيس مرابط
» حالة الصدر في الطبقات العليا
الإثنين مارس 29, 2010 12:37 pm من طرف أنيس مرابط
» جزيرة العرب
الإثنين مارس 29, 2010 12:35 pm من طرف أنيس مرابط
» اليخضور
الإثنين مارس 29, 2010 12:30 pm من طرف أنيس مرابط